فصل: قال الشوكاني في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ـ وقوله تعالى: {وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاء وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ} هو نهى عن محظورات، في مقابل ما أمر اللّه به من عدل وإحسان، وبرّ بالأقارب.، وفى توارد الأمر والنهى على أمر من الأمور، توكيد للإتيان بالمأمور به، فالفحشاء، ما قبح من الأمور، وعلى رأسها الزنا وإتيان الفاحشة ظلم للنفس، وعدوان على حرمات الناس.، وفى هذا مجافاة للعدل..
والمنكر، كل ما تنكره العقول السليمة على من يفعله.. سواء أكان قولا أو فعلا.، ولا يكون هذا إلا بالتخلي عن الإحسان في القول أو العمل..
والبغي: الجور، والظلم، وهضم الحقوق، وهو مجف للعدل والإحسان معا..
ـ وقوله تعالى: {يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} هو تنبيه لما تحمل آيات اللّه للناس من آداب، وأحكام، تدعو إلى الحق، والخير، وتذكّر بهما، وتفتح للعقول الراشدة والقلوب السليمة طريقا إليهما..
وهذه الآية الكريمة، تجمع أصول الشريعة الإسلامية كلها.. فهى أقرب شيء إلى أن تكون عنوانا للرسالة لإسلامية، ولكتابها الكريم، إذ لا تخرج أحكام الشريعة وآدابها عن هذا المحتوى الذي ضمت عليه تلك الآية: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاء ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاء وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ} وما في كتاب للّه كله هو شرح لما أمر اللّه سبحانه به من العدل والإحسان، وإيتاء ذى القربى، وما نهى عنه من الفحشاء والمنكر والبغي.
قوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ}.
العهد: الميثاق، يكون بين الناس والناس، أو بين الناس ورب الناس..
وعهد اللّه.. هو العهد الذي يوثق باسمه، ويقام تحت ظل سلطانه..
ونقص العهد: نكثه، وعدم الوفاء به..
والكفيل: هو الضامن لما كفل من عهد.
ومعنى الآية الكريمة، هو أمر ملزم للمؤمنين باللّه بالوفاء بعهد اللّه، الذي وثقوه باسمه، وجعلوه كفيلا وضامنا لما عاهدوا عليه.. إذ كان باسمه تعالى أمضى المتعاهدان ما تعاهدا عليه.. فأعطى أحدهما ما تعهّد به وعدا، وأقام اسم اللّه تعالى كفيلا على هذا الوعد، وقبل الآخر ما أعطى الأول، مطمئنا إلى كفالة اللّه، وإلى أن صاحبه لن يخون عهد اللّه! وإنه لجرم عظيم أن يعطى الإنسان عهدا باسم اللّه، ويتخذ من هذا الاسم الكريم مدخلا إلى ثقة الناس به، واطمئنانهم إليه، ثم يكون منه غدر وخيانة! إنه عدوان على اللّه، ومخادعة باسمه، وسرقة تحت ستار من جلال اللّه وخشيته..!
وتلك جرأة على اللّه، واستخفاف بقدره، وليس لمن يتعرض لهذا، إلا أن ينتظر ما يحلّ به من غضب اللّه ونقمته.
ـ وفى قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ} تحذير من نكث العهد، ومن التلاعب باسم الحق جل وعلا.. فهو سبحانه يعلم من بفي بعهده، ويعرف لاسمه الكريم جلاله، ومن لا يوقّر اللّه، ولا يحفل بالعهد الذي قطعه، وأشهد اللّه عليه.، واللّه سبحانه غيور على حماء أن يستباح.. فمن استباحه، فقد أورد نفسه موارد الهالكين..
قوله تعالى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}.
الغزل: ما يغزل من صوف، وغيره.، ونقض الغزل: حلّه بعد فتله وغزله، فيتقطع، ويتفتت، ولا يعود إلى مثل حالته الأولى لو أعيد غزله، كشأن من بينى ثم يهدم ما بنى.. فلو أراد أن يبنى بما هدم، لا يستقيم له بناء..
والأنكاث: جمع نكث، وهو ما يكون من خيوط النسيج بعد نقضها، لإعادة غزلها ونسجها، بعد أن تصبح قطعا مهلهلة.
الدّخل: الفساد، والأمة: الجماعة، وأربى: أكبر قوة، وأكثر عددا.
وهذا مثل ضربه اللّه سبحانه وتعالى لمن يعطون العهد باسمه تعالى، ثم ينقضون ما عاهدوا عليه.. فهؤلاء هم أشبه بامرأة خرقاء، تغزل غزلا محكما، ثم تعود بعد هذا فتنقض ما غزلته، وأجهدت نفسها فيه.، وهذا لا يكون من عاقل، يحترم عقله، ويعرف لآدميته قدرها.، وهؤلاء الذين أعطوا العهد باسم اللّه ثم نقضوه، كانوا قد أحكموا أمرهم، ووثقوه ثم أفسدوه، وأحلّوا أنفسهم من هذا الميثاق الذي واثقوا اللّه عليه..
ـ وقوله تعالى: {تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ} جملة حالية.. فهم إذ يتخذون أيمانهم التي يوثّقون بها العهود بينهم. ثم ينقضونها- هم أشبه بتلك المرأة التي تغزل غزلا، ثم تعود فتنقضه، قبل أن تنسجه، وينتفع به! وقوله تعالى: {أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ} هو تعليل لنقص العهد، واتخاذ الأيمان ذريعة للإفساد، وتلبيس الأمور على الناس، وذلك أن هذا النكث بالعهد كان ممالأة لجماعة قوية على حساب جماعة ضعيفة. أي أنكم تتخذون أيمانكم التي لا تبرّون بها، للإفساد لا للإصلاح، حين تميلون عن الحق، وتنحازون إلى جانب الأقوياء، فتنقضون العهد الذي كان بينكم وبين الجانب الضعيف، لتتحولوا بذلك إلى الجانب القوي.
هذه الآية خاصة بحال من أحوال نقض العهد، وهى تلك الحال التي يكون الداعي فيها إلى نقض العهد هو الميل إلى جانب الأقوياء، والتخلّي عن جانب الضعفاء، وذلك بأن يكون الناقض للعهد، بينه وبين جماعة عهد موثق، فإذا رأى جماعة أخرى ذات شوكة وقوة انضمّ إليها، ونقض عهده الذي كان بينه وبين الجماعة الضعيفة، غير ملتفت إلى هذا العهد الذي بينه وبينها.
أما ما يتصل بنقض العهود عامة، فقد جاء في قوله تعالى بعد هذه الآية: {وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها} الآية.
ـ قوله تعالى: {إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ}. الضمير في به، يعود إلى عهد اللّه الذي جاء ذكره في قوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ}. أي أن هذا العهد يقطعه المرء على نفسه، ويجعل اللّه كفيلا عليه فيه- هذا العهد، هو ابتلاء من اللّه، وأمانة من الأمانات التي يطالب الإنسان بصيانتها والوفاء بها..
فمن وفّى بالعهد فقد أبرأ ذمته، واستحق الجزاء الحسن من ربه، ومن نكث، فهو غريم للّه سبحانه وتعالى، وسيقتصّ اللّه منه.
قوله تعالى: {وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}. هو معطوف على محذوف تقديره: ليعلم، ومعنى الآية مرتبط بالآية قبلها، والمعنى: أن اللّه سبحانه وتعالى، إنما ابتلاكم بهذا التكليف، وهو الوفاء بالعهود، ليعلم المفسد من المصلح، والناكث للعهد والموفى به، وليبين لكم يوم القيامة هذا الذي أنتم مختلفون فيه، بين مفسد ومصلح، وعاص ومطيع، وناقص للعهد، وموف به. اهـ.

.قال الشوكاني في الآيات السابقة:

{وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (84)}.
لما بين سبحانه من حال هؤلاء أنهم عرفوا نعمة الله ثم أنكروها، وأن أكثرهم كافرون، أتبعه بأصناف وعيد يوم القيامة، فقال: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلّ أُمَّةٍ شَهِيدًا} أي: واذكر يوم نبعث، أو يوم نبعث وقعوا فيما وقعوا فيه، وشهيد كل أمة نبيها، يشهد لهم بالإيمان والتصديق، وعليهم بالكفر والجحود والتكذيب {ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ} أي: في الاعتذار، إذ لا حجة لهم ولا عذر، كقوله سبحانه: {وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} [المرسلات: 36]. أو في كثرة الكلام، أو في الرجوع إلى دار الدنيا، وإيراد {ثم} ها هنا للدلالة على أن ابتلاءهم بالمنع عن الاعتذار المنبيء عن الإقناط الكلي أشد من ابتلائهم بشهادة الأنبياء {وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} لأن العتاب إنما يطلب لأجل العود إلى الرضا، فإذا كان على عزم السخط، فلا فائدة في العتاب.
والمعنى: أنهم لا يسترضون أي: لا يكلفون أن يرضوا ربهم، لأن الآخرة ليست بدار تكليف، ولا يتركون إلى رجوع الدنيا فيتوبون، وأصل الكلمة من العتب وهو الموجد، يقال: عتب عليه يعتب إذا وجد عليه، فإذا أفاض عليه ما عتب فيه عليه قيل: عاتبه، فإذا رجع إلى مسرّته قيل: أعتبه، والاسم العتبى، وهو رجوع المعتوب عليه إلى ما يرضي العاتب قاله الهروي، ومنه قول النابغة:
فإن كنت مظلومًا فعبدًا ظلمته ** وإن كنت ذا عتبى فمثلك يعتب

{وَإِذَا رَأى الذين ظَلَمُواْ العذاب} أي: وإذا رأى الذين أشركوا العذاب الذي يستحقونه بشركهم، وهو عذاب جهنم {فَلاَ يُخَفَّفُ} ذلك العذاب {عَنْهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ} أي: ولا هم يمهلون ليتوبوا، إذ لا توبة هنالك {وَإِذَا رَءا الذين أَشْرَكُواْ شُرَكَاءهُمْ} أي: أصنامهم وأوثانهم التي عبدوها، لما تقرّر من أنهم يبعثون مع المشركين ليقال لهم «من كان يعبد شيئًا فليتبعه»، كما ثبت في الصحيح من قوله صلى الله عليه وسلم.
{قَالُواْ رَبَّنَا هَؤُلاء شُرَكَاؤنَا الذين كُنَّا نَدْعُوْا مِن دُونِكَ} أي: الذين كنا نعبدهم من دونك.
قال أبو مسلم الأصفهاني: مقصود المشركين بهذا القول إحالة الذنب على تلك الأصنام تعللًا بذلك، واسترواحًا، مع كونهم يعلمون أن العذاب واقع بهم لا محالة، ولكن الغريق يتعلق بكل ما تقع يده عليه.
{فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ القول} أي: ألقى أولئك الأصنام والأوثان والشياطين ونحوهم إلى المشركين القول {إِنَّكُمْ لكاذبون} أي قالوا لهم: إنكم أيها المشركون لكاذبون فيما تزعمون من إحالة الذنب علينا الذي هو مقصودكم من هذا القول.
فإن قيل: إن المشركين أشاروا إلى الأصنام ونحوها أن هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا من دونك، وقد كانوا صادقين في ذلك، فكيف كذبتهم الأصنام ونحوها؟ فالجواب بأن مرادهم من قولهم {هؤلاء شركاؤنا} هؤلاء شركاء الله في المعبودية، فكذبتهم الأصنام في دعوى هذه الشركة.
والأصنام والأوثان وإن كانت لا تقدر على النطق، فإن الله سبحانه ينطقها في تلك الحال، لتخجيل المشركين وتوبيخهم، وهذا كما قالت الملائكة {بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ الجن} [سبأ: 41].
يعنون: أن الجنّ هم الذين كانوا راضين بعبادتهم لهم.
{وَأَلْقَوْاْ إلى الله يَوْمَئِذٍ السلم} أي: ألقى المشركون يوم القيامة الاستسلام والانقياد لعذابه، والخضوع لعزته.
وقيل: استسلم العابد والمعبود وانقادوا لحكمه فيهم {وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} أي: ضاع وبطل ما كانوا يفترونه من أن لله سبحانه شركاء وما كانوا يزعمون من شفاعتهم لهم، وأن عبادتهم لهم تقرّبهم إلى الله سبحانه.
{الذين كَفَرُواْ} في أنفسهم {وَصُدُّواْ} غيرهم {عَن سَبِيلِ الله} أي: عن طريق الحق، وهي: طريق الإسلام والإيمان بأن منعوهم من سلوكها وحملوهم على الكفر.
وقيل: المراد بالصدّ عن سبيل الله: الصدّ عن المسجد الحرام.
والأولى العموم.
ثم أخبر عن هؤلاء الذين صنعوا هذا الصنع بقوله: {زدناهم عَذَابًا فَوْقَ العذاب} أي: زادهم الله عذابًا لأجل الإضلال لغيرهم فوق العذاب الذي استحقوه لأجل ضلالهم.
وقيل: المعنى: زدنا القادة عذابًا فوق عذاب أتباعهم، أي: أشد منه.
وقيل: إن هذه الزيادة هي إخراجهم من النار إلى الزمهرير، وقيل غير ذلك.
{وَيَوْمَ نَبْعَثُ في كُلّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ} أي: نبيًا يشهد عليهم {مّنْ أَنفُسِهِمْ} من جنسهم، إتمامًا للحجة وقطعًا للمعذرة، وهذا تكرير لما سبق لقصد التأكيد والتهديد {وَجِئْنَا بِكَ} يا محمد {شَهِيدًا على هَؤُلاء} أي: تشهد على هذه الأمم وتشهد لهم.
وقيل: على أمتك، وقد تقدّم مثل هذا في البقرة والنساء {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكتاب} أي: القرآن.
والجملة مستأنفة أو في محل نصب على الحال بتقدير قد {تِبْيَانًا لّكُلّ شَىْء} أي: بيانًا له، والتاء: للمبالغة، ونظيره من المصادر التلقاء، ولم يأت غيرهما.
ومثل هذه الآية قوله سبحانه: {مَّا فَرَّطْنَا في الكتاب مِن شَىْء} [الأنعام: 38].
ومعنى كونه {تبيانًا لكلّ شيء} أن فيه البيان لكثير من الأحكام، والإحالة فيما بقي منها على السنة، وأمرهم باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم فيما يأتي به من الأحكام، وطاعته كما في الآيات القرآنية الدالة على ذلك.
وقد صحّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إني أوتيت القرآن ومثله معه» {وهدى} للعباد {وَرَحْمَةً} لهم {وبشرى لِلْمُسْلِمِينَ} خاصة دون غيرهم، أو يكون الهدى والرحمة والبشرى خاصة بهم؛ لأنهم المنتفعون بذلك.
ثم لما ذكر سبحانه أن في القرآن تبيان كل شيء ذكر عقبة آية جامعة لأصول التكليف كلها تصديقًا لذلك، فقال: {إِنَّ الله يَأْمُرُ بالعدل والإحسان}.
وقد اختلف أهل العلم في تفسير العدل والإحسان؛ فقيل: العدل لا إله إلاّ الله، والإحسان: أداء الفرائض.
وقيل: العدل الفرض.
والإحسان: النافلة.
وقيل: العدل: استواء العلانية والسريرة، والإحسان.
أن تكون السريرة أفضل من العلانية.
وقيل: العدل: الإنصاف، والإحسان: التفضل، والأولى: تفسير العدل بالمعنى اللغوي، وهو التوسط بين طرفي الإفراط والتفريط.
فمعنى أمره سبحانه بالعدل: أن يكون عباده في الدين على حالة متوسطة، ليست بمائلة إلى جانب الإفراط، وهو الغلوّ المذموم في الدين، ولا إلى جانب التفريط، وهو الإخلال بشيء مما هو من الدين.
وأما الإحسان فمعناه اللغوي يرشد إلى أنه التفضل بما لم يجب، كصدقة التطوّع، ومن الإحسان فعل ما يثاب عليه العبد مما لم يوجبه الله عليه في العبادات وغيرها.
وقد صحّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه فسر الإحسان بأن يعبد الله العبد حتى كأنه يراه، فقال في حديث ابن عمر الثابت في الصحيحين: «والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك» وهذا هو معنى الإحسان شرعًا.
{وَإِيتَاء ذِى القربى} أي: إعطاء القرابة ما تدعو إليه حاجتهم.
وفي الآية إرشاد إلى صلة الأقارب وترغيب في التصدق عليهم.
وهو من باب عطف الخاص على العام، إن كان إعطاء الأقارب قد دخل تحت العدل والإحسان.
وقيل: من باب عطف المندوب على الواجب.
ومثل هذه الآية قوله: {وَءاتِ ذَا القربى حَقَّهُ} [الإسراء: 26].
وإنما خصّ ذوي القربى لأن حقهم آكد، فإن الرحم قد اشتق الله اسمها من اسمه، وجعل صلتها من صلته، وقطيعتها من قطيعته.
{وينهى عَنِ الفحشاء} هي الخصلة المتزايدة في القبح من قول أو فعل.
وقيل: هي الزنا.
وقيل: البخل {والمنكر} ما أنكره الشرع بالنهي عنه، وهو يعمّ جميع المعاصي على اختلاف أنواعها.